** رائحـة الأحاسيس **
روي عن إبن سينا (الطبيب) أنه عُرض عليه شابٌ مريضٌ بعد أن أعيا الأطباء أمره، فلما خاطبه في شأن مرضِهِ، تبيـّن له أنّ مرضه هو.... (الحب)
وعبثاً حاول (إبن سينا) أن يعرف إسم المحبوبة، إذْ لم يفصحْ ذلك الشابُ عن إسمها، ولما علِم إبن سينا أن شفاءَ هذا الشاب المريض متوقّفٌ على معرفةِ إسم المحبوبة، وإزالة ما عنده مِن عواطفٍ كامنةٍ مرتبطة بها، فقد أخذَ على عاتقهِ أن يعرف إسمها بأيّ وسيلةٍ ممكنة.
أمر (إبن سينا) بإحضار أكبر سكّان المدينة سِنـاً، فلما حضر قال له (إبن سينا):
" أتعرف شوارع المدينة كلها وأزقتها ودورها واسكانها؟؟ "
قال الرجل: " نعم اعرفها جميعا "، فأمره أن يذكُرَ أسماءَ الشوارعِ شارعاً شارعاً، وهو قابضٌ على يدِ المريض ليتحقّق مِن سرعةِ نبضهِ، فلما ذكرَ إسم أحدِ الشوارع، أصبحَ نبض المريض أسرعَ مِن ذي قبل.
عندها أمر (إبن سينا) الرجل أن يذكُر أسماء الأزقةِ المتفرعةِ عن هذا الشارع، فلما أتى على إسم أحدها، إزدادت سرعةُ النبضِ ثانيةً.
بعدها أمر الطبيب ذلك الرجل أن يذكرَ أسماءَ البيوتِ الواقعة في ذلك الزقاق، فلاحظ (إبن سينا) إزدياد نبضه عند ذِكر أحد البيوت.
فقال الطبيب للرجل: " أخبرني عن سكانِ هذا البيت مِن الفتيات"، فلما أتى إسم المحبوبة تسارع النبض مرة أخرى وبشدة.
فإلتفت الطبيب (إبن سينا) إلى الشاب المريض وسأله: " أليست هذه محبوبتك؟؟ ".
فأجاب: "نعم"
وبالبحث.. علِم أنها إبنةُ عمهِ، وأنّ هذا الشاب كان يُحبها حباً جماً، ولم يجرؤ أن يُذيع سرهُ خوفاً عليها مِن اهلها، وخوفاً هو مِن أهله.
إنه الحبُ الخالصُ والنقي.. إنه العشق للروح لا للجسد.. إنها العاطفة الجيّاشة.. التي تحدّها الأخلاق ويقوّمها الدين..
ويصدق القائل حين يقول
للحب رائحةٌ وليس بوسعها أن لا تفوح مزارع الدراق